بقلم : عبد الإله البوزيدي
كان دوار الدمنة محطة من المحطات الإستراتيجية للمستعمر الفرنسي، نظرا لقربه من جبل صرصر الشامخ، ولربما لشساعة مساحة أراضيه وكثافة عدد سكانه مقارنة مع باقي الدواوير، حيث رأى المستعمر المجال خصبا للنزول بثكنته العسكرية في منطقة تسمى الدهاري .وهي اراضي شاسعة وزعت فيما بعد على الساكنة بالتساوي. وكان أول ما قام به المستعمر الفرنسي آنذاك هو إنشاء مدرسة في الدوار-وهي أول مدرسة في القبيلة-لتدريس أبناء الدوار قسرا ودون رغبة أبائهم الذين كانوا يخشون على أبنائهم من أن ينسلخوا عن دينهم ويعتنقوا الدين المسيحي، وهكذا كان الواحد يدفع إتاوات ضخمة كي لا يدخل ابنه المدرسة.
وفي المجال العسكري كان التجنيد إجباريا للشباب الدمناوي للدخول في صفوف الجيش الفرنسي لحماية مصالحه والوقوف ضد زحف المستعمر الاسباني الذي كان قد وصل الى مدينة القصر الكبير ، ورسم حدودا وهمية وانشأ ما يسمى بالديوانة قرب دوار الخضاضرة على مشارف المدينة.وهكذا كان المواطنون الدمناويون ومن جاورهم من الدواوير الأخرى يجدون صعوبة بالغة في الدخول إلى مدينة القصر الكبير لقضاء أغراضهم. كانت الديوانة آنذاك أشبه ما تكون بباب سبته اليوم أو أشد حراسة. لقد لاقت الساكنة فعلا اقسي أنواع التعذيب والتنكيل خلال تلك السنوات العجاف. قبل أن يخرج الاستعمار بنوعيه الفرنسي والاسباني تاركا وراءه مخلفات سلبية وأخرى ايجابية لعل أبرزها في ميدان التعليم، حيث أصبح من درس على يد الفرنسيين خلال الاستعمار مدرسا لأبناء جلدته بداية الاستقلال.وهكذا كانت مدرسة الدمنة هي الوحيدة في قبيلة صرصر كلها رائدة في تعليم أبناء المنطقة-على قلتهم-نظرا لتوجه الكثيرين لميدان الفلاحة ورعي الماشية وآخرين للكتاتيب القرآنية من أبرزها جامع الدمنة الذي كان يؤمه جدي رحمه الله (سيدي محمد الشريف المصباحي) الذي تعلم على يده العديد من الفقهاء الذين لازالوا يذكرون فضله عليهم إلى اليوم.
لازلت اذكر خلال نهاية السبعينيات حيث كانت بدايتي الدراسية وبالضبط سنة 1979 وكان قد اختفى وقتها خوف الآباء على أبنائهم من المدرسة الفرنسية اثر حملة حكومية لتشجيع التمدرس وجدت حينها حلاوة لازلت أتلذذها حتى الآن ، ولن أنساها ما حييت .ومن ضمن ما اذكر أنني وجدت من كانوا قد سبقوني في الدخول إلى المدرسة أمثال من كانوا في المستويين الثالث والرابع شباب بالغ بمساطيشهم ولحيهم، وشابات يافعات كن قد وصلن سن الزواج بل اغلبهن تزوجن ولم يكملن الدراسة، الذي استغرب له هو لمذا كانت هذه البنية الفسيولوجية لهؤلاء الشباب هكذا؟؟!! عكس ما نراه اليوم حيث نجد التلميذ في السنة السادسة أساسي مثلا لازال صبيا يحتاج المرافقة والعناية إنها مفارقة عجيبة فعلا. وبالرجوع إلى مدرستنا الحبيبة (مدرسة الدمنة) خلال سنوات السبعينيات والثمانينيات نجد أنها كانت قبلة لأفواج من التلاميذ دون التلميذات من الدواوير المجاورة مثل: الزاوية ، النحال، براقين، راس المقيل والكيسة .كل هذه الدواوير كانت ترسل أبناءها للدراسة في الدمنة .ولازلت اذكر الأسماء التي درست معي إبان تلك الفترة حيث نجد من الزاوية مثلا عائلة الإبراهيمي والحسيني ومن النحال الهاشمي والحمدوني ومن براقين المجدوبي والعلوي ومن راس المقيل الشهدي.والملاحظ هو أن اغلب العائلات كانت تحمل نفس الاسم العائلي مما يدل على أن هذه الدواوير كانت صغيرة في بدايتها وفرخت مع مرور الزمن عائلات متشعبة وهكذا بعدما كانت مدرسة الدمنة كما ذكرت رائدة في تعليم أبناء المنطقة أصبحت اليوم مهددة بالإغلاق نظرا لبناء عدة مدارس في مختلف الدواوير المذكورة من جهة وضعف المنتوج التربوي من جهة أخرى. أضف إلى ذلك عدم اهتمام المسؤولين والمنتخبين بشؤون الدوار، وضعف البنية التحتية الضرورية لكل حضارة وتقدم.
وعلى غرار ريادة دوار الدمنة في ميدان التعليم والتعلم كان ايضا مورد رزق للعديد من العائلات المحلية والخارجية من الدواوير المجاورة، حيث كانت تتوافد على الدوار الحشود من اليد العاملة في فصلي الشتاء والربيع للعمل في حقول الشمندر السكري، حيث كان اغلب الدمناويون يشتهرون بهذا النوع من الزراعة لمردوده الكبير، خصوصا مع بداياته الأولى، لدرجة أن الواحد منهم كان يركب بغلته ويذهب إلى دوار الزاوية أو براقين للبحث عن العمال الذين كانوا يأتون كل صباح حاملين معهم خبزهم وزيتونهم نظرا لساعات العمل الطويلة. وهكذا كانت تتكرر رحلة البحت عن لقمة العيش في الشتاء والصيف لأهل الدواوير شبيهة بتلك الرحلة التاريخية المذكورة في القرآن الكريم لأهل قريش رحلتهم في الشتاء إلى الشام وفي الصيف إلى المدينة مع فرق بسيط هو أن رحلة قريش كانت محفوفة بالمخاطر ورحلة أهل الدواوير كانت تلقى ترحيبا واسعا من طرف أبناء الدمنة الكرماء.
مشاء الله كل يوم وبفضل هذه البواب اكتشف معلومات جديدة حول هذا الجبل الجميل بل و اكثر الراااائع اشكرك اخي
ردحذفمشاء الله كل يوم وبفضل هذه البواب اكتشف معلومات جديدة حول هذا الجبل الجميل بل و اكثر الراااائع اشكرك اخي
ردحذفأشكرك أخي عبد الإله على هاته المعلومات القيمة حول دوار الدمنة والذي تابعنا دراستنا الإبتدائية به إذ لم تكن هناك مؤسسة تعليمية أخرى بقبيلة صرصر فكنا نقصد مدرسة الدمنة من جميع دواوير القبيلة ولا زلت أتذكر أواخر السبعينات و بداية الثمانينات عندما كانت الحجرات مملوءة عن آخرها بتلاميذ كان همهم الوحيد هو التعلم واكتساب معارف ومهارات تؤهلهم لولوج سوق الشغل.
ردحذفأشكرك أخي عبد الإله على هاته المعلومات القيمة حول دوار الدمنة والذي تابعنا دراستنا الإبتدائية به إذ لم تكن هناك مؤسسة تعليمية أخرى بقبيلة صرصر فكنا نقصد مدرسة الدمنة من جميع دواوير القبيلة ولا زلت أتذكر أواخر السبعينات و بداية الثمانينات عندما كانت الحجرات مملوءة عن آخرها بتلاميذ كان همهم الوحيد هو التعلم واكتساب معارف ومهارات تؤهلهم لولوج سوق الشغل.
ردحذفmerci bcp pour cette belle histoire concernant dowar demna
ردحذفيسعدني ويشرفني أنني واحد من أبناء دوار الدمنة الجميل
ردحذففرغم الصعوبات والمشاكل التي يواجهها سواء من الناحية البنيوية أو البشرية غير أنني أحب انتمائي لذلك المكان...
شكرا لكم على كل ما تقدمتم به من معلومات شيقة تبث في نفس الإخوان بالتقدير والإحترام وحب الإنتماء ����
شكرا أخي عبد الإله على هده الصفحة تستحق الشكر بارك الله فيك جزاك الله خيرا
ردحذفأزال المؤلف هذا التعليق.
ردحذفسلمت أناملك..�� و بورك قلمك..✏ جعلتنا نسافر عبر التاريخ و نعيشه و نرى الحاضر و نحاول تغييره..⏳
ردحذفشكرا لكل الاصدقاء الذين تفاعلوا مع هذا السرد التاريخي لدوار الدمنة.شكرا لكم على تعليقاتكم التي زادتني فخرا وعزة على اعتزازي وفخري بقبيلتي
حذفchokran 3ala hadihi al ma3lomat al 9ayima ayomkinoka an t9oma bi kitabati ma9alin 3an dowar zawya
حذف